_______________________
أعزائي القراء في " جريدة موج الأخبارية" كما عودناكم سوف يكون لقائنا اليوم مع شخصية جديدة نود التعرف عليها
_______________________
الإسم:- سندس عادل عثمان.
السن:- 16 سنة الصف الثاني الثانوي القسم العلمي الأزهري.
اللقب:-أُكُسُچِيِنْ
متىٰ اكتشفت قدرتك الإبداعية في الكتابة و كيف كان ذلك؟ كان في الصف الخامس الإبتدائي؛ فقد كانت هوايتي القراءة، وكنت أشارك ببعض المسابقات لتحدي الكتابة، والقراءة، وبدأت تأليف القصص القصيرة من نفسي، ووضعت أسماءً عديدة لها، وحينها فزت بمركز أول على مدرستي، وبدأت قصتي في كتابة الخواطر في الصف الأول الإعدادي، وتوالت القصص والروايات، وبعضًا من النصوص الشعرية.
ما الدافع الذي يشجعك على الكتابة؟ و ما الذي يلهم قلمك؟
إلهامي هو ذاتي، أودُّ أن أترك أثرًا لمن يقرأُ لي فيمَّا بعد.
ماذا تعني لك الكتابة؟
أشعر ببساطة أنها بمثابة النفس الذي أتنفسه، فإن لم أتنفس سأموت بلا شك، ولذا راق لي لقبي.
ما هي طقوسك في الكتابة؟ و كيف تستحضر ذهنك لتبدأ في كتابة مقال أو خاطرة؟
أجلس بمكانٍ هادئ أجمعُ أفكاري، وأحينًا كوب قهوتي، أو بعضًا من الشاي بالنعناع، أتأملُ الصورة، أو العبارة التي بذهني، وأبدأُ بترتيب الأحداث، والوقائع، وهكذا...إلخ.
ما المعوقات التي تواجهك أثناء الكتابة؟
الضجة لكنَّي حاولت التغلبَّ عليها مؤخرًا، وحينمَّا أكتب عن مشاعر لا أشعر بها؛ فيصعب التعبير قليلًا بإسلوب يصل للقلوب.
أود أن أرىٰ بعضًا من كتاباتك المميزة.
"مُشتتة"
أسير في طرقاتي بلا هدفٍ محدد، أبحث بينَ الوجوهِ عن إجابات للعديد من تساؤلاتي، ولم أجد بينهم الجواب!
قررت البحث عن مُرادي بين العديد من السطور، توجهت لأقرب مكتبة؛ فجعلتُ أطَّلع على بعض الكتب علِّي أجد ما يثير رغبتي، وأيضًا لم أجد!
سحبتُ نَفسَّي بهدوء نحو الشاطئ، ومددت قدمايَ لتترطبان ببرودتهِ، أستمتعُ لسماعِ صوتِ الأمواج، وفجأة لمحتُ سُحبًا كثيفةً ظهرَ من وسطهِا طيرًا أبابيل، مزخرفة بحلي الطبيعة، وما أبهاها!
أغمضت جفنايَ أنسجم مع صوت الموج؛ فشعرت بأحدٍ في الجوار، إنها سيدة يظهرُ عليها الشيب، تدور حولي قائلة بخبث وهيَ واضعة اصبعها السبابة بشفتيها:
- ألا تودي أن تقرأي الكف؟
لا شك أنَّها تهزي عن أي هزلٍ تتحدث؟
وما هذا لحظة أنها ترتدي الحجاب، قلت متهورة دونَ تفكير: هل أنتِ مسلمة حقًا؟
رفعت حاجبيها متعنجرة ممسكة بطرفي حجابها قائلة:
- ألا ترين يا حمقاء؟
أسرعت بالاعتذار مهرولة نحو ناحيةٍ نائيةٍ؛ فللتو بدأتْ تمطرنِي بالمراجم ماذا بعد؟
عادةً لا أرى مثلها، وربمَّا لأننِّي لا آتي إلى هنا سوى مع إشراقِ الضِّحُّ؛ فأعشق رؤيةَ منظرهِ، استلقت أراوقي فوق الشاطئ حتى غفوت نعاسًا على حين غفلة من أمري، وعندما أفقت وجدتُ الوضَحَ باذِخًا كأنه حبيبٌ في ليلة دافئة تحتضنهُ شمسهُ كي تُنير ظلامه، ويضمها بين ثناياه كي تشعر بالأمان، شعرتُ بالجُواد ولا ساقِي لي سواه، وأحببتُ الجِهاد في سبيل مُناه، قد أدمعتُ حتى جفت عيناي، ونال الجهود مني طوقًا لِلُقُياهُ، انتبهت لذاك الواقف جانبًا مفتتحًا يده بدفء، فقفزت من فرحتي محتضنة إياهُ، ومن هولي كدتُ أشكو بثِي وحزنِي إليه، لكنَّهُ سُرعان ما تحول لرمادًا؛ فقد مات منذُ أزل وقد كان خيالًا!
لم تكفُ كريمتاي عن البُكاء؛ ففي كل مرة أتذكرهُ يتألم قلبي شوقًا، أحببت كلامهِ قد كان مِلسان، ومع ذلك أفتقده!
بالرغمِ من كثرة كلامِهِ، لم يكن ليُشِرَّ ما أسَرُّه فيما بيننا، ولم يطُلع أحدًا على سري، مهلًا لن تذهب وحدكَ سآتي إليك حتى، وإن قذفت نفسي توًا!
#سندس_عادل_أُكُسُچِيِنْ
دلفتْ عليَّ بحليةٍ متجمِّلة؛ فأجبتُ: ما بالُ الجَمال يزينكِ؟
ردتَ بخجلٍ مصطنع، وكأنّها وضعت على صدري المؤججِ ملفحة: ألنْ تمَلُ من التغزل بي؟
قُلتُ: السلام عليكِ ما مِن شابةٍ في جمالكِ وقرًا، وفوقَ كمالِك مزدانةٌ!
أخذت تناظرنِي ببعضِ حيائِها متبسمة؛ فزادها حلوًا، ما إن أخذتُ خدينًا لي؛ فلنُ أجدْ في حُسنِ طَبعكِ، ونورِ محاسنِك، رفعتْ بصرها تقول بحيرةٍ: أتحبُ خجلي الدائم؟
قلتُ مستنشقًا رَيَّا ويبدو عِطرها: تعلوكِ حمرة خلابة، ويرتابكِ شيءٌ من التوترِ المحببِ إليّ عندَ لقاكِ!
خرجتْ كما دخلتْ، وما إن غابَ ظِلها، حتى استقمتُ أراقبُ الطرقاتَ؛ فإذا بي ألمح أتيّ يركضُ نحوي كأنّه يريدُني في الحالِ، أشرتُ له بجلوسهِ، فتَذَرَّعَ بأنفاسٍ متقطعةٍ؛ فقلتُ: اهدأ ثم أخبرني ما يشغلُ بالك، وبلا الكثير من الكلامِ البالي، قال: بينما أنا في مَقيلي مرتْ عليّ سيدة يبدو الجمال قليلًا عليها، وعندما حاولت التلطيف بيننا قالت ببعضِ الرعونةِ: أني نزير أحمقُ!
أخرصت ضحكاتي لبرهةٍ قائلًا: مرتْ فلا تحزن أُقسمُ إنها حمقاءُ.
حاولتُ التلاعب بمشاعرهِ فحدثتُ مشيرًا بحاجبي: من يرفضُ حسنك، أو بهاء ثيابك إلا وقد طار من عقلهِ برجٌ؟
عادتْ وما الأطيَبَان بسهلِ التحكم فيهما بوجودِها؛ فقد ملكتْ قلبِي وعقلي بحبِها، ولَجتْ متزمجرة متذمرة، وحينما رأتْ ذاكَ الجالسَ هرولت لي شاكية بصراخها: هذا الخسيسُ النذل قام بطعنِكَ متمسكًا يديَ ولم يُولِّ هاربًا إلا بضربي له في أسفلِ معدتهِ، شعلتُ كما لو قذفت على جسدي جمراتٍ مفعمةٍ بنيرانٍ؛ فتوجهتُ إليه ممسكهُ من تلابيبهِ متحدثًا: السامُ عليكَ يا ذليل، نظر إلي برعبٍ محاولًا الدفاع عن نفسِه، ما إن تركته، وملامحهُ لم تكن بادية قلتُ ببعضِ السخرية: إن جلستَ على الطريقِ فسُئلتَ من فعل؛ فقل ولا تتردد، وإن كنتُ ما لي أراكَ جالسًا؛ فشؤماك لقد كسرتها، وعيناك قد فقعتها، وما يبدو من جسدكَ سوى بعض العظام المهشَّمة، وعندما لم يجدْ إلا علقمًا فرَّ؛ فما رأى حِصنًا بين الأعطِفَةِ!
#سندس_عادل_أُكُسُچِيِنْ
سهرتُ الليل أتجرع الظمأ؛ فحبيبي في نارِ الحبِ حيران، ومهما اختلفت الطرقُ التقيتُ بهِ، وإلا ما تعطَّشتُ لهُ في كثيرٍ مِنَ الأحيانِ!
كتبتها حينما وصلتنِي رسالته؛ فدائمًا نتواصلُ عن طريق الشعر والأوراق، غطت الدماءُ بنزيفها الضحايا بغزةٍ، لكنَّ الله على ما يشاء قدير، سينصرهم بإذنه، وليغلبنَّ الظالمين، قضى حبيبي هذه الليلة بحلب أيضًا متوعدًا أنه سيأتي ليخلصني من الأسير، وإن كان محظورًا سفره إليَّ فلن يستسلم، قال:
- سآتي عزيزتي، انتظريني حتى أُحرر القدس، وأرضك من الدمار.
مر العديد من الأيام؛ فتوقعت مشغلته، أو حتى مجيئه!
ولكنَّ التوقعات أحيانًا تخيبُ، وبكل مرةٍ أظنها ستصيب، تنقلب فوق عقبِي، لم أتمنَّ يومًا أن أعش بلا أمان أو سلام، ولا حبيب!
قد كان ولا زال من رغب به قلبِي، وإن كادت الرغبات تشبه الاستحالة، لن أستسلم ليخلصنِي من دماري، سمعتُ صوت الطلقات؛ فظننتها ضحية قد آن آوانها، لكنِّي صدمت حينما رأيتُ ذريفًا رغوي يسيل من فمه، آهٍ كم تألمت، وكرهتُ هذا الشعور بالعديد من القتلى، وجاء دوري بالطبابة لإسعافه، دخلت سيدة يبدو عليها الشيب في الأربعين من عمرها قائلة بوهنٍ:
- ألن تسعفيه؟
إنه يذرفُ دمًا، وقد يؤدي إلى وفاته، أرجوكِ افعلي ما بوسعِك؛ فولدي ما زال بريعانِ شبابه.
أنزلت رأسي بألم قائلة بمحاولة رسم ابتسامة قائلة: - إن شاء الله سيفيق، ويصير أفضل حالًا عن ذي قبل.
هزت رأسها بدموع حارة، قد انسدلت عبراتها فوق وجنتيها لتفسد جمالها الطبيعي.
قالت: واللهِ أخبرته ألا نسافر من حلب قولت له أن الحبيبة قد تعوض، وروحه فلا!
شعرت بقبضة في قلبي منذ ثلاثة ليالٍ، ولم يرسل إليَّ شعرًا فأطمئنَّ عليه، ولم أرَ وجه المصاب حتى الآن، لا يعقل إن كان هوَ؛ فكيف لي بدونهِ؟
نفيت برأسي هذه الفكرة بشدة.
- سيكون بخير تأكدي.
اقتربت منه رافعة المنشفة؛ لأزيل الدماء كي أعقم جرحه، ومن هول صدمتي بكيت؛ فهذا هوَ!
أمسكته من قميصهِ أهزهُ بعنفٍ بالغ:
- أنت لقد قلت لي أنَّك ستأتي فتنقذني، وتحرر أرضك، أكان كذبًا؟
- لقد أخبرتنِي بضرورة السفر معك في هذهِ المدة إلى أن تجد حلًا فتحرر أرضنا برفقة شبابها، كيف تمكنت من خلع قلبي هكذا، فلتُجب!
وبسرعة تفصحت نبضه ليتصنم جسدي؛ فقد كانت يداهُ باردتين، وحينما تركتها سقطت أرضًا، رأت والدته هذا المشهد؛ فلم تتحمل وخارت قواها؛ فسقطت أرضًا، كان يجدر بي التحمل، لا أدري كيف!
بعيدٌ منالُكَ صعب الوصول، قريبٌ كِيانك حرٌ يزول.
أحنيتُ رأسي أضمُ رأسهُ إليَّ بانهيار، وأمسكت يده قائلة:
- أما عادت يداكَ تكتبُ شعرًا متغزلًا بي؟
- ألن تفيق فنذهب سويًّا ونقيم حفلة الزفافِ خاصتنا؟
- عقدت عليَّ فصرتُ أرملة مرتين، الأولى بابتعادك، والثانية في مماتكَ، أخرجت تأوهًا متوجعة عليه قائلة بوفاء: لن تحبُ رؤيتي حزينة، ووعدٌ قطعته على نفسي حاليًا، سأحرر أرضي مدافعة عنها حتى أموت، سأحمي أمك كوالدتِي تمامًا، ولن أفرِّقَ بينهما في معاملتِي مهما حييتُ، طالَ بُكائي فوق صدره فوجدت يدًا تمسدُ على شعري بحنانٍ بالغ، رفعت يدي أرى ما إذا كان خيالًا!
- وجدته يضمني وعلامات المرض تبدو عليه قائلًا بتقطع:
- لم أذهب إلى مكان، ألم أعدْكِ بالبقاء إلى جواركِ يا عزيزتي؟
- ولن يفرقنا إلا الموت؛ فلم يَإنْ أواني بعد!
حمحم قائلًا بتلذذ من وسط تأوهاته:
- أنتِ الأمان، أنتِ الحنان، وأراكِ بالنسبة لي جنانْ، فور سماع ضحكاتكِ، أو صوتِ نغماتكِ تشعرُ نفسِي بهزةٍ في الكِيان بأكملهِ، قلبي يفيض بحبِّكِ أبدًا لا يتململِ، يا روحَ فؤادي، ومسكنُ الأمان.
وضع يده على قلبهِ قائلًا باختتام الحديث:
- هذا وقع بأسركِ؛ فوقَّعَ على استمارة الوفاء، وبعهد الحبِّ يفي، وإن كان يظهرهُ برياء.
#سندس_عادل_أُكُسُچِيِنْ
"في كل حين"
إنِّي واللهِ كلمَّا يفيضُ بيْ ألجأُ إليهِ فيعصمُني عن الخطإ، وحينَّ أشكوُّ بثِّي إليهِ يقبَّلُنِي بوسعٍ، وإن زللتُ يومًا عن الصراطِ، يغفر زلاتي، ويمحو خطايايَ، لم أجد صديقًا جابرًا لقلبي، ككتابهِ-سبحانهُ جلَّ جلاله-.
خصوصًا قولهِ: {قالَ إنَّمَّا أَشَكُوُّ بثِّي وحُزنِي إلى اللهِ، وأعلمُ مِنَ اللهِ ما لا تعلمونْ}
《سورة يُوسف》.
أشعُر بكلامهِ يشفِي جروحي، ومَن سواهُ الشافي؟
يخرجُ قلبي مِنَ الظلماتِ إلى النور، كمَّا لو وضعتَ مُسكنَّا على آلامكِ فداويتها، إن أحسنتَ الظنَّ؛ فأحسنه باللهِ، وإن أسئتَ التصويب فبعيبكَ لا بالمشيئةِ، توكّل على اللهِ، فهوَ حسبُك، وكفيلك، قال تعالى:{وَمنْ يتوكَّل على اللهِ فهوَ حسبهُ إنَّ الله بالغُ أمرهِ قد جعلَ الله لكلِ شيءٍ قدرًا}.
《سورة الطلاق》.
قد أرسلَ الله محمدًا -آخرَ الأنبياء- هاديًا؛ فنفع بهِ، وجعلَ بقلوبنا حبًّا له؛ على الرغم أننّا لم نلقَهُ!
-صلَّ اللهُ عليهِ، وسلمَ- قال: "لا يموتنَّ أحدُّكم إلا وهوَ يُحسنُ الظنَ باللهِ تعالى".
لا تَنسَ دائمًا في وقتِ ضيقكَ أن تتذكر، كم عانيتَ، وما بغيركَ من ألم أكبَّرُ حجمًا؛ فلستَ وحدك من تعاني، وفي نهاية الطريق: «نُحنُ أحياءٌ، وللحُلمِ بقيّةٌ».
#سندس_عادل_أُكُسُچِيِنْ
كان سندي حتى أن!
نظرتُ له بسخرية قائلًا:
- هل أنت خائف؟
تابعت بخبث:
- إنها مجرد تسلية تمامًا، وكأنك تلهو بشارعكم؛ فما رأيك؟
عاود التفكير، كنت أقوده كالحمقى، وهوَ يسير بلا رشد!
اقترب ممسكًا يدي آخذًا بسيجارة، ثم قال بتهور:
- لستُ خائفًا هاتِ هذه.
ابتسمتُ له بشر بعدما أشعلها بنهم قائلًا:
- أوه لقد تطورنا يا فتى!
"لم يعِ ما بِه يبدو عليه الصمم؛ فدائمًا ما أقوده نحو السراب؛ فالعمر لا يعاش إلا مرة!
وكذا فلن أدعه يتميز عني بشيء سنضيع سويًا، أو...لا لن أقبل!
نفيت أفكاري بشدة، وتابعنا المسير *حِينة* ليست بقليلة، ثم جلسنا فوق إحدى الحجارة أرضًا تحديدًا عند الشاطئ، اشتدت الأمواج، وبدأ الهتون بالتساقط في جوٍ رائع، طال الصمت. أردتُ قطعهُ فتحدثت:
- ما *السُطرة* التي تودها قريبًا؟
فكر لبعض الوقت ثم قال سابقًا حديثه بتنهيدة:
- أودُ أن أكون ناجحًا، ألا أقف مكتوف الأذرع في أي موقف، وأن أجدَ من يهتم بأموري.
ثم نظر لي بلطف قائلًا:
- حقًا ما وجدتُ خدينًا أفضلَ منكَ حتى الآن!
أصابني ببعض الفتور، ابتلعت ريقي بصعوبة؛ فلم يحدثني أحدٌ بخيرٍ إلاه، من أود إنهاءهُ بالكامل!
نظرت له كلاهة متشكلة بهيئة قطة لطيفة:
- ما رأيك ألا نفتح مجالًا لغيرنا أن يصادقنا؟
نظر لي بحماس قائلًا:
- حقًا، وهل سترضى بأن أكون صديقك وتكتفي؟
أجبت مسرعًا:
- نعم يا عزيزي.
"أكملتُ في نفسي:
*كأيِّن* من أمورك ما أفسدتها!
أفلا يجبُ أن تدعو لي بالهلاك؟"
ملتُ برأسي فوق كتفه أشكو بثي إليه مدعيًّا الحزن؛ لأدفعه لتلبية كلامي مهما كان!
- أشعر ببعض الاختناق؛ فهل تسمح لنا بالذهاب للحانة؟
إنها على أول الشارع، ليست بعيدة نهائيًا.
أجاب بعنف:
- هل فقدت عقلك؟
أين تودُّ الذهاب؟
قلتُ محاولًا ترويضه:
- سنهدأ هناك قليلًا، ونتسلى لبعضِ الوقتِ، وتصبح نديمًا لي، ألا تودّ؟!
صاح قائلًا:
-هل الهدوء بالخمور والنساء؟
قلت مقاطعًا:
- ألم نتفق على المسير معًا، وألا تتخذ خليلًا سوايَ، وبالعكس؟
أجاب بقلة حيلة:
- نعم اتفقنا لكن...
"أنهيت النقاش ساحبه طروحًا عن ذاكَ المكان حيثُ *الأغزرانِ*؛ فإنه جو شاعرِي، ولا يليق بأمثالنا نحنُ الذكور!"
ولجنَا لمكان، يعجُّ ببعض الطاولات، ويحويه كم من الشابات والذكور، رأى رجلًا يعتدي على فتاة دون إرادة منها، وما إن أعطيته الكأس قائلًا: دعك منهُ يا فتى، فما شأنُنا؟
حتى قذفه بوجهِي؛ فتناثرت *فُزور* الزجاج في الأرجاء، وفاح معها رائحة النبيذ، بدأت الجموع تتطلع نحونا، وأقبَل رجلٌ من العاملين قائلًا:
- ما هذا الهراء؟
فأخبرتهُ أنه سكر؛ ففعل ذاك عن دون عمد، أخذتُ أجره بيدي؛ فإذا به ينزع ذراعه صائحًا بالرجل:
- لا لم أشربُ نهائيًا، ولقد تعمدت كسره؛ فهل ستعترض؟
بدأ العِراك بينهم حاولت فك النزاع؛ فلم أستطع سوى بعد عناء!
سحبته لمكان متنائي؛ ثم صحت منفعلًا عليه:
- ما الذي فعلته يا أرعن؟
نظر لي بصدمة قائلًا بذهول:
- ألا ترى أنك قد تماديت كثيرًا؟
قلتُ محاولًا التوضيح:
- *بَجيل* ما فعلت؛ فإنك أهنت رجلًا، وكسرت الخمور، وضربتَ الرجال؛ فأسأت إليّ قبلك!
أحنى رأسه قائلًا بأسف:
- لقد استفزني حين اقترب من فتاة غصبًا؛ عنوة على ذلك كان يلمسها بشكلٍ مقزز، فماذا تريدني أنْ أفعل؟
تابع مستنكرًا:
- أي رجل في موقف كهذا لا يشاهد.
أجبت معنفًا إياه:
- هل تقصد أني لست برجل؟
أجاب رافعًا حاجباه بلا مبالاة:
- نعم.
كنت أودُّ طعنه، كفى حتى الآن!
لكني حاولت تخفيف الوضع فقلت بلطافة:
- ما رأيكَ أن عود لنأخذ *غابِر* ما اشترينا؟
أجابني مهرولًا للخارج:
- لا لن أفعل، اشرب وحدك هنيئًا لك.
مرتْ بخير هذه المرة، وإن لم أنل منك مرتي هذه سأنال فيما بعد، فقط بهدوء.
رجعت ألملم حاجاتي، وذهبت لمنزلي فصعدت إلى العلية حيثُ السطح؛ فيتصف *بالخَوَاءِ*، وهذا تحديدًا ما أريده لأستجم لبرهة من الوقت!
لطالما كان يخذلني الجميع في كل مرة اتخذت سكنًا، وحينما جاء من ائتمنني ناولتهُ بيدي الشؤمى معاملة بلا مشاعر!
وضعتُ كأسي جانبًا حينما استمعت لمن ينادي؛ فهبطت لأسفل بتعجب حينما رأيته أمامي.
- ماذا، هل أتيت؟!
هز برأسه فقولت:
- تفضل بالولوج.
قال مودعًا: منذ التقينا، وآمالي *كحَبِّ الغَمام* تنافرت عن بعضها؛ فأكمِل مسيرتك بمفردك، والسلام عليكَ؛ فلم تتركَ لي باقيًا في سكينتي، وما رأيتُ حِصنًا بين الأعطِفَةِ جواركَ، ولطالما استدنتُ عليكَ فخنتني كأنَّ الخبز لم يؤكل برفقتك، أو أنَّ الحُبَّ لم يسكنْ ضلوعك!
#سندس_عادل_أُكُسُچِيِنْ
منذُ دلوفي لساحةِ المعركةِ، وأنا موقنٌ بالفوز، ليس لجديرِ ثقتي بنفسي؛ بل لأستحق فخرها بي، وأملي الوحيد أن أرضيها وإن طالني الزمن، ولجتُ لساحةِ المعركة بعدمَا أعددتُ سيفي جيدًا، وما إن رأيتُ طولَ مواجهي وهيبتهُ؛ حتى شعرتُ بقبضةٍ في الأصغرينِ، ابتعلتُ غصتي بصعوبةٍ عندمَا بدأ يفرك يده، ويطقطق أصابعهُ استعدادًا للقتال، ثم وجدتهُ خلفي، ولستُ أدري لمَ؟ وما إن سمعتُ رُفاتَ عظامٍ ما كانت إلا عظمة الساعد خاصتي؛ حتى بدأ الألم يقتادني، وسيطر عليَّ بشكلٍ كليٍّ، وبدأ الضعفُ يظهر على ثنايا ملامحي، ولم أجد بي إلا أن انهارت قواي، وسقطت أرضًا، حاولتُ الفِرار، لكنّهُ لم يدعني حتى قضى على ما بقي من ملامحي؛ فصرتُ كالمشوّه، حينها سرتُ نائيًا عن حلبةِ النزال، وإذ بي أراها تقتادُ فرسها بمرونةٍ؛ فسبحانهُ أن يخلقَ فرسًا تعلوه فرسةٌ ذاتُ بهاءٍ وحسنٍ! داعبت مشاعري حينمَا أرسلت لي قبلة بيدها بالرغم من كونِها ساخرةً من هيئتي القذِرة، ثم غابت عند بُقعةٍ ظَليلة، وكأنَّها متسللة من شيءٍ ما، لم تعد ملامحها متضحةً لي، وبدأ الهيام يغلبني أكثرَ فأكثر، وددتُ بشدةٍ لو أنَّنِي ابنُ أحدِ الأمراء؛ فأنالُ شرف نسبها، حينئذٍ بدأ نورها الذي أضاء الخافِقين ينطفئ، وعدتُ لواقعي، وألمي المفعمِ، عاودتُ أدراجي لثُلَّة النُزلِ الَّذي لم أدخِّر ثمنَ إيجارهِ بعدُ، وفي هذهِ الأثناء كنتُ أعامل كخادمٍ لهم عِوضًا عن دفع النقود؛ فبالكادِ أمتلكُ قوتَ يومي، قال لي مالكُ المكان: هل ستظل هُنا لمدةٍ أطول؟
قلتُ باستغرابٍ شديدٍ: هل حدثَ شيءٌ ما؟
قال وهو يناظر بعضَ العملاتِ الذهبية بيدهِ: كل ما في الأمر أنَّ هُنالك رجلًا يودُّ أن يدفع المزيد، وبالطبعِ سيوفِّرُ عليَّ عناء العمل، والدفع لك.
قعمزتُ أرضًا، وأمسكتُ ببعض الزَنابير، وقذفتها على وجهه؛ فذلك الأحمق قد أوصلني إلى أقصى ذروتي، وبأيْد أعادَ الحصى؛ لترجمني برأسي التي ذرفت دمًا كما لو قمتُ ببترها، ما استطعت سِوى ضربهُ بقدمي، وفررتُ هاربًا، وخرجتُ مهرولًا، ولا أتذَكر حينها كم مشيت؛ إلا أنني رأيتُ رجلًا يسَفُنُ بعضَ التماثيل التي كانت بمثابةِ تقديس الملوكِ حينها، لم أجدني سوى أن قلتُ له: هل توافق أن تعلَّمني صنعتك؛ فأستغلُّها لكسب قوت يومي، وأخففُ عنك عبء العمل ولو قليلًا؟
قال ببشاشةٍ تعلو صحيفة وجههِ: هذا شرف لي يا فتى، وفي حِنو آخر كانت هي تقوم ببعضِ مراسم التتويج؛ فاليوم سيختار والدها شابًا يليق بأميرتهِ الصغيرة، دلفَ أبوها إليها، وقبّل رأسها بودٍّ قائلًا: ما أعساه أفضل منكِ! احتضنت كفه بكفيها الصغيرين، وقبَّلتهُ بأدبٍ قائلة: عِشتَ أبي. أكملت متسائلة: صحيح، هل ستختار بنفسك، أم تدع لي القرار؟
نظرَ لها قائلًا بتساؤل: ما المُؤمَّل بالنسبة إليك؟
ردَّت ببعضِ الشرودِ، ويبدوُ أنَّ هُنالك شيئًا ما يراودها: سأنتقي بنفسي، دع لي القرار. اختتمت حديثها قائمة، مولية بالخروجِ، وسارت مبتعدة عن القصر؛ فقد مَلَّت مِنَ الحبسِ الدائم، وكأنَّها طفلة صغيرة يخافونَ عليها من رزيزِ الريح، رأت الكثير من الجموع؛ فتعجبت، وما إن أقبلت لترى المكان حتى صدمت؛ فهذا نفسه الشاب الَّذي رأته منذُ مدة بليغةٍ، ولكنَّهُ أشد قوة بجسدهِ الرياضي، وعيناهُ العسلية نقطة ضعفها، والجمال الطبيعي في ملامحهِ، كأنَّهُ لوحةٌ فنية تراها، رأتهُ يبارزُ شخصًا ما، ويبدو عليه التعب، لاحظت أن الشخص الآخر يضع ذريفًا غريبًا على سيفهِ، ويبدو كسُم، وضعت يدها بحقيبةِ ظهرها الدائمة، وأخرجت منها إحدى السِهام؛ فرمحتهُ رمحةً أفقأتْ بها عينهُ، أدارَ وجههُ ليرى من فعل هذا بخصمهِ؛ فتشنجت ضلوعه، وبدأت حُبيبات العرق تتسلل إلى وجههِ، وقال متعجبًا: لِمَ فعلتِ ذلك؟
قالت وهي تغادر بلا مبالاة: أردتُ شيئًا؛ فقمتُ بهِ، عن إذنك.
أسرعتُ بإمساكِ ذراعها قائلًا بتلهف غير عادي: هل سترحلين بسرعةٍ هكذا؟
قالت بغباءٍ: وما في الأمر؟
سحبها؛ ليجلسا سويًّا ثم قال: هل أنتِ متفرغة لسماعي حاليًّا؟
قالت بضجر: نعم، ليس عندي شيءٌ هام لأفعله.
اختصر الحديث موجزًا: هل توافقين على الزواج بي؟
قالت بتعجب: أنت؟
ظنَّها إهانة له، فهمَّ بالرحيل، لكنَّها فاجأتهُ حينمَّا جذبتهُ؛ فتلامست أصابعه مع أناملِها فقال لنفسهِ: ملمس يدها الغَضير يشعرني بدفءٍ يكاد يصل لأعماقي!
قالت ببعضِ اللِّينِ حين رأت شروده: أنتَ جميل، وأي فتاة ستتمنى فقط لقاءك؛ لذلك تعجبت مِن طلبكَ لفتاةٍ مثلي!
قال ببعضِ العتاب: وما بكِ؟
أكمل بغضة مريرة: أنتِ ابنةُ الملوكِ، وما إن شئتِ الزواج ستتهافتُ الجموع حولكِ من رجالٍ وأمراء، وما لي أراكِ تلائمين رجلًا سوايَ، ليس لثقتي بذاتي كل هذا الحد، لكن فقط لأنَّني أحببتُكِ. ودعها معتذرًا بلباقةٍ، فله مبارزة ستكون الأخيرة إن ربحها، وسينالُ مكافئة مادية؛ فيقدر على الزواجِ منها بالتأكيدِ، ففي هذهِ الفترة، وحينما كانت الحروب الأهلية مشتعلة، وكانت السلطة بأيدي الظالمين، والفَساد طاغٍ على الجميع، لا يملك منهم قوت يومهِ إلا القليل، ومع كل مبارزة إن فاز شخصٌ ربح مكافأةً مادية، راحَ لساحةِ الصِراع منتظرًا أن يحينَ دوره، كان شاردًا في ملكوتهِ الخاص، يقول لنفسه: إن تذكرتها شعرتُ ببعضِ الطاقةِ لأكملُ؛ فلأجلها فقط، ولا أودُّ سواها، سأسترجع جزءًا مني، وأقاتل مرةً أخرى حتى أعود، فأحقق وعدي، ولا أخلفهُ. قال ذلك، وحان دوره، اشتد القتال بينهما، وتوزعت الإصابات في أنحائهِ، وتناثرتِ الدماء، ثم وضع سيفه بقلبِ الرجل، ونزعهُ بقسوةٍ مراتٍ متتالية قائلًا بحنين:
- سأعود لكِ يا حبيبتي، سنتزوج عمَّا قريب.
هبطت أمطار متشرِّدة فوقه؛ لتنظف دماء بدنه، وقبل أن يقاوم الألم، أو يقدر على الحِراكِ انهال جسده أرضًا؛ فاستلقت أراوقهُ، وخرَّ مُستشهدًا، وآخر ما قُصَّ لهُ في المشهدِ قوله:
- لقد فزتُ قبل أن أموت، ونلتُ شرف حبَّكِ، ولم يكفني فقط نيلهُ؛ فطمعتُ بالزواج بكِ، ولكنَّ قدري لم يسمح لي بالعيشِ معك، بدأ بتذَّكر كل أحداثهِ التي مرت عليه، فكأنَّ شريط عمرهِ يُعاد توًا لهُ، قد شقى في الكثير من حياتهِ، وتحمَّل أكثر من طاقتهِ، ومن ثم سقطت يده، ومات فداء بلدهِ، كان فقط يرغبُ أن يعيش ساكنًا، أن يقلل ما بهِ من فقرٍ مرير، لكنَّ ما أرادهُ، لم يكن حقيقة!
#سندس_عادل_أُكُسُچِيِنْ
الكتابة من المواهب الفطرية، هل تظن أنها من الممكن أن تكون موهبة مكتسبة؟
ليست مكتسبة، لأنَّ من يكتسبها سيمِّل منها في وقتِ لاحق، قد تكون مخبأة فقط.
ما رأيك في هذه المقولة
( لتكون كاتب محترف يجب أن تكون قارئ جيد )
هل تظن أن هذه المقولة صحيحة أم أنه لا يوجد علاقة بين القراءة و الكتابة.
نعم صحيحة، يوجد علاقة طردية بين القراءة، والكتابة؛ فكلمَّا زادت الثقافة اللغوية، والأفكار عن طريق القراءة، زادت الكتابة حلاوة على جمالها.
ما هي معايير الكاتب الناجح بنظرك؟
عدم الإستسلام، والسعي بأن يتعلمَّ من الأخطاء فلا يكررها.
بعد مرور بضعٍ من الوقت في مجال الكتابة، هل ترىٰ أن لديك إنجازات تفتخر بها؟ و ما هي؟
نعم، قد شاركت بكتابين ورقيين، الأول يدعى حروف حرة، والثاني خفايا الروح.
هل لديك هدف تسعىٰ للوصول إليه في مجال الكتابة؟ و ما هو؟
أن لا أتوقف عن التحسن، أن أجيدها بلا أخطاء، وأن أكتب العديد من الأفكار ذات الأثر المفيد.
من هو الشخص الذي يستحق أن تشكره لمساندتك في مسيرتك؟
الكثير من الأصدقاء، والأقارب ساندوني حقيقةً، لكنَّ الأكثر أهلي كأمي، وأختي، وأبي، وأخوتي الصِبيان، أودُّ شكر معلمي أستاذ محمد كامل مؤسس كيان زادك؛ فقد كان سببًا في السير دون الإستسلام، وسبب في معرفتي أكثر بهذا المجال؛ فقد بدأ معنا منذ الألف إلى الياء، ومن ثم بعض الكيانات الأخرى، ككيان أريام، ومن ثم كيان معجم لغة الضاد، على التوالي؛ فأشكر كل المؤسسين.
من هو الكاتب الذي تأثرت به و بكتاباته؟
أودُّ أن أشكرهم قبلها، فلولاهم لما وصلت إلى هنا؛ من ثم سأقول:
- رحمة حمدي "البيداء" أستاذتي، وقدوتي في الكتابة.
- عمر أحمد "قسور" أستاذي، وقدوتي في اللغة، عن طريق الأنظومة العربية.
ما النصائح التي تريد توجيهها للكتاب المبتدئين؟
التعلم من الأخطاء، والدورات، وقراءة المعاجم.
ما هو تعليقك على هذا الحوار؟ و هل لديك كلمة تريد توجيهها للجريدة؟
أقول: إنه لشرفٌ لي أن أتحدث معكم عن موهبتي، واستمتعتُ كثيرًا بهذا الحوار، أسعدني هذا الحوار الجميل و أتمنى لهم المزيد و المزيد من التفوق و الإبداع.
_________________________
رئيس التحرير:- مِـحـمد يـعـقــوب
المحررة الصحفية:- فاطمة النوساني